Sunday, September 8, 2013

لـــورا

لــورا
كتبتها: 08/09/2013



أراح رأسه علي مُقدمة البانيو بعدما وصّد الباب جيدا, بيده فتح الصنبور واستمع إلي خريرالمياه وهي تصطدم بجسده العاري الراقد في سكون كما لو أنه فقد الروح, أغمض عينيه وترك جسده يهوي مع المياه. لساعةٍ ظل علي تلك الحال. وعندما فتح عينيه, لم يكُن يشعرُ بشيء, مازال السكون يجتاحُ خلجاتِه ..
أمسك بعلبة سجائره واشعل آخر سيجارة بها بتلك القداحة التي أُهديها في عيد ميلاده الأخير, كان قد ترك الحشدَ في الصالة يحتفلون, وإتجه إلي شباكِ غرفته المُظلمة, واعتلي مصطبته كما لو أنها كُرسي بلا مسند, بلا مُتكأ, تماما كنفسه, سحابة ضالة بلا وِجهة; ثم بقي ينظُر إلي الحياة من هذا الطابق المُرتفع; بائسةٌ هي حياتهم, يدورون في نفسِ الفلك و يظنون أنفسهم سُعداء, يسعون وراء الرزق كما لو أنه السبيل الوحيد للنجاة!
إستعاد ذهنه بريقه عندما دَخلت عليه, رآها علي ضوءِ القَمر, كانت برداءها الأحمر الذي يُشع جُمالا, متبرجةً بزينةٍ جعلتها في نظره من الحورِ العين! إقتربت منه فإبتسم و أفسح لها لتشاركه جلسته, ومن ثَم أراحت رأسها علي كتفِه فأحاطها بيده وبدأ يُمررها علي ساعِدها ليبعثَ في نفسهما شعورا دائما ما إعتاداه معا, شُعورا بالحياة ..

"تّذكُرين يا لورا; كُنا قد إعتدنا البُكاء, نَقضي ليالينا في الظلام, نتخفي كي لا يري أحدٌ ما نفعل! أحرامٌ ما كُنا نفعل؟ أجيبيني يا لورا; أحرامٌ ما كُنا نفعل؟!
أتُذكرين شوقي يا لورا؟ أحرامٌ علي بلابله الدوْح! قالها في عشق وطنه, وإنتِ وطني يا لورا.."

لم تُجب لورا, ولم ينتظر منها أن تُجِب, كان قد إعتاد رنينَها, رنينَ الصَمت الذي تمتاز به; ومن ثَم أغمض عينيه وترك نفسه معها, يستنشِقُ عبيرها الساحر, ويقضي آخرَ الليلِ معها في يوم عيده ..
فتح عينيه علي سيجارته و هي تحرق إبهامة فلم ينتفض; بقي يشاهدُ آخر ما تبقي من دخانها الذي لم يَشربه, ثم سقطت من يده في مياه البانيو; كان المكان كله قد إمتلأ بالمياه, ولكنه لم يُحاول أن يُغلق الصنبور كما فَتحه, بل أعاد ضبط سدادات أذنه بيديه, ثُم غاص في المياه, فإحتضنته بقوةٍ وأخذت بيده ليقفزا من مكانهما, فإبتسم, وراح معها!

محمود سامي محمود
08/09/2013
لـــورا

No comments:

Post a Comment