Saturday, August 3, 2013

زِنانيــــري (بكسر الزاي)

زِنانيري (بكسر الزاي)
كتبتها: 10/03/2013



أفقتُ ..
بعد إستراحة عميقة إمتدت لساعات
ربما لأيام 
لا يَهُمني ...
فما سيفوت لن يكون الأسوأ
مُطلقا ..
أفقتُ ..
بعد غيبوبة دامت شهورا و سنين
كُنتُ قد ذُقتُ من الدنيا أحلاها
وتجرعتُ أفخم كؤوسَ خمرها ..
زُينت لي الدنيا كعروسٍ تُزف لعريسها الأول ..
لم تكُن هي عروسي الأول بالتأكيد ..
فكنتُ أحيا في "زِنانيري" – بكسر الزاي –
أُحدثكم عن زِنانيري ...
أستيقظ يوميا من نومي 
لأُزيح يدا ناعمة مسترخية علي صدري العاري ..
بتكاسل ٍ أخطو إلي المطبخ
لأعد كأسا من الخمر ينتظرني من الأمس
أتجرعه علي مرةٍ واحدة و لا أشعر بهذا الحرقان
فوحدهم الهواة من يشعرون بحرقان الكحول ..
فالكحول لي دواءاً ..
أو قد كــــان ..
دُشا باردا ومن بعده سيجارة الحشيش
تباً .. العلبة فارغة وتحتاج لحشوٍ ..
أراها و قد استيقظت ..
أتسائلُ كيف كانت معي بالأمس ..
أملاكٌ هي بالليل !
و شيطانةٌ بالصباح ؟
أُشغل شريطا به موسيقا الروك
بلا مبالاة أتابعُ كلماته ..
الساعة ؟
إنها الخامسة عصرا ...
اللعنة علي هذه الحياة ..
تمضي أيامها أسرع من سحابها 
وهل يمضي السحاب بسرعة؟
لا أعرف ...
 ولا أريد أن أعرف ..
تخرجُ مجففةً شعرها ببطيء شديد !
ساعة تقضيها لتَلُم أشياءها المبعثرة
ثم ترتدي ملابسها ..
وساعة أخري أمام المرآة لتتزينُ لغيري
هي لا تهُمُني الآن ..
فلتذهب إلي الجحيم .. وحدها !
في الهاتفِ أتحدث إليه ..
صديقَ السوء المقربُ إلي قلبي ..
أتفقُ معاه علي ميعاد الأمسية
ولا يُنسيني هذا أن أسبه أو ألعنه
فلساني تزَفَرُ ..
ولم لا؟
فلساني يُمَثِلني ...
يتحدث بما في قلبي ..
وما في قلبي ليس الخير ..
مؤكَدا !
ومؤكِدا موعدي معه في إحدي الملاهي الليلية
لأسهر حتي الصباح ...
بجانبي أقداح وزجاجات الخمر الفارغة ..
أوراق العب أمامي علي ساحةٍ خضراء ..
أموالي ورقة تلو الأخري يَتِمُ إستنزافها من جيبي ..
ونساءٌ كاسياتٌ من حولي ..
لا يَهُم ..
لا يَهُم
ففي زِنانيري
لا يوجد ما يُستحق العيش من أجلِه ..
صوت الهاتف ...
في تلك الساعة المتأخرة من الليل ..
"بعد 30 دقيقة موعد صلاة الفجر" !
صلاة الفجر؟
لا أذكر آخر مرة صليت فيها ..
10 سنوات ربما !
لم أكترث لما قرأت ..
فيوميا يرن منبه الصلاة 5 مرات
أكملت السهرة 
وعُدت وحيدا في ذلك اليوم
 بلا رفيقة سرير !
كانت الساعة الحادية عشرة ظهرا ..
ركنت السيارة في تهالك و إعياء 
ومع دخولي من باب العقار
أفاجأ بجاري الملتزم يبتسم في وجهي.
متي عاد من السفر؟
بنفاقٍ إبتسمت له
دعاني لصلاة الظهر فإعتذرت متعللا بإرهاق أشعر به فعلا ..
أصّر علي أن يأخذني للصلاة ..
ذهبتُ معه إلي المُصَلي القريب !
إستأذنته لأتوضأ ..
كيف كان الوضوء؟
قلّدتُ حركات الماكث بجانبي في ثِقل !
أقُيمت الصلاة
وهُنا أفَقت .. !
"الله أكبر"
رفعت يدي بها خلف الإمام
بادئا صلاتي
"بسم الله الرحمن الرحيم
What you gonna do when the whisky ain't working no more?
Life don't feel like before
"
كيف كانت البداية؟
لا أتذكرُ شيئا ..
إنها عشرة أعوام
ربما أكثر ربما أقل .. !
قضيتُها في عُقم !
في ثِقل !
في عبث !
لا أذكر شيئا ..
أمسلمٌ كنت ؟!
حاولتُ البحث عن آياتٍ لأتلوها
ولكن فقط أغاني الروك و كلماتها ..
قرأتُ ما تيسر لي من بعض الأغاني الشهيرة !
ومع سجدتي الأولي ..
بكيت ..
بكيتُ شاعرا بالعجز ..
أهكذا كنتُ؟
أهكذا عشتُ صغيرا؟
حينها فقط تذكرت والدي
كان يأخذني معه إلي المسجد
وكان يُخبرني بسيرة رسول الهدي (صلي الله عليه و سلم)
حتي توفي !
أذكُر دموعي وقتها ..
وأذكُر دموع أمي ..
لم أحتمل وقتها فكرة موته ..
هربت ..
هربت لعالمٍ آخر ..
تركت أمّي وكُنتُ وحيدها !
شاعرا بالعجز
والندم ..
بين يدي ربّي ..
أنهيت الصلاة ..
لم يتقبلها منّي ربّي
او هكذا ظننت ..!
أسرعت إلي بيت والدتي المُسنة ..
قبّلتُ يدها 
ورأسها
وخدها
ودموعي تغرقني ..
طالبا عفوها ..
بطيب خاطرٍ سامحتني ..
وأخذت تضم رضيعها !
لم أشعر بهذا الدفء في صدر إمرأة بعدها
كنت كل ليلة أستنشق عطر إمرأة جديدة !
رائحة عطر أُمي .. ما أحلاها !
في شرفة منزلها وقفت ناظرا ومتأملا
زِنانيري ..
هل سيتقبلني ربي ؟
زِنانيري ..
أيغفرلي ؟!
زِنانيري ..
أترضي أمي؟
زِنانيري ..
فقط ساعتها ومع إحساسي الشديد بالندم
أشعر بصحوةٍ ..
أشعرُ بإفاقةٍ
ليست كتلك التي تُقدمها لي كؤوس الخمر
بل بإفاقة قلب ..
قلبٌ تربي في زِنانيري
وأرته زِنانيري ما يستحق ..

زِنانيري
10/03/2013
محمود سامي محمود



No comments:

Post a Comment